الحارة الشعبية في السينما المصرية “الحلقة الثانية والأخيرة”

مئات الأفلام تم إستلهام أفكارها من داخل الحارة الشعبية

– الحارة الشعبية في السبعينات اخذت شكل مختلف في السينما .
– الواقعية الجديدة في الثمانينات شهدت ظهور افلام بأسماء المناطق والحارات الشعبية .
– افلام الالفية الجديدة مابين المضمون السطحى والبلطجة والعشوائيات التي اساءت للحارة الشعبية وعظمتها.
خالد فؤاد
السينما المصرية تناولنا في الحلقة الأولى من “الحارة الشعبية في السينما المصرية” عن الأفلام التي استمدت موضوعاتها من داخل الحارة الشعبية وأفلام مخرج الواقعية صلاح أبو سيف، بالإضافة إلى روائع حسن الإمام.
واليوم نستكمل هذا الموضوع الشيق الذي يصف الحارة الشعبية في أفلام السبعينيات والثمانينيات.

السينما المصرية

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

عظمة نجيب محفوظ

ناهيك عن سلسلة الروائع التي قدمها مع كاتبنا العملاق الراحل نجيب محفوظ الذى قدم أهم وأبرز إبداعاته من داخل الحارة الشعبية وعالم الفتوات حيث يعد من أهم الكتاب الذين تناولوا المناطق الشعبية بحرافيشها وفتواتها بدقة متناهية ومنها وصل للعالمية للمصداقية الشديدة التي تناولها بها وقد اخرج له حسن الإمام سلسلة من قصصه هذه وحقق بها نجاحا كبيرا إبتداء بزقاق المدق ومرورا بالثلاثية الشهيرة بين القصرين وقصر الشوق والسكرية وغيرهم.
واستمر حسن الإمام في حقبتي السبعينات والثمانينات في التطرق لعالم الحارة الشعبية بالأشكال المستحدثة التي أصبحت عليها كما شاهدناه في خلي بالك من زوزو وبالوالدين إحسانا.

أفلام المناطق والشوارع

وكان من أواخر الأفلام التي قدمها حسن الإمام عن عالم الحارة الشعبية وأبناء البلد في بداية الثمانينات رائعة “كيدهن عظيم” والذى كان يعد من بدايات الأفلام التي قدمت تحت مسمى الواقعية الجديدة والتي بدأت كما أطلق عليها في مطلع الثمانينات واستمرت حتى الألفية الجديدة وقد شاهدنا في هذه الحقبة أفلام كثيرة حملت اسماء المناطق والحارات الشعبية لأول مرة نذكر منها علي سبيل المثال وليس الحصر الباطلية وفتوات بولاق وقهوة المواردى وشارع السد وجدعان باب الشعرية والسكاكيني وحارة برجوان ودرب الرهبة ووكالة البلح والسلخانة وعشرات الأفلام الأخرى التى شارك فيها كل نجوم هذه المرحلة بلا استثناء فكانت عناوين هذه الأفلام وتقديمها من داخل هذه الحارات والمناطق الشعبية بمثابة تيمة النجاح إن جاز التعبير بالنسبة لها.
هذا بالإضافة لسلسلة الأفلام المستمدة من قصص نجيب محفوظ سواء قبل اوبعد حصولة علي نوبل مثل الشيطان يعظ والمطارد والحرافيش وغيرها من الأفلام الكثيرة الأخرى.

أفلام التيك واى

ومع قدوم الألفية الجديدة ظهرت علي السطح مجموعة من الافلام بما يتفق مع الشكل الجديدة للحارة في ثوبها المستحدث بغض النظر عن العمق الذى خلت منه الكثير من هذه الأفلام فقد ابتعدت عن الشكل القديم وتم طرحها في قوالب غلبت عليها الكوميديا الخفيفة فكانت بمثابة التيك واى إن جاز التعبير تماما كما شاهدنا في سلسلة افلام محمد سعد ” اللمبي وعوكل وبوحة” وكما شاهدنا هنيدى في بليه ودماغه العاليه وكما شاهدنا منه شلبي ومي عز الدين مع عبلة كامل في كلم ماما ومنى زكى وعبلة كامل في خالتي فرنسا وكما شاهدنا ادم وصلاح عبدالله في ” فيلم هندى” كما شاهدنا أحمد حلمي في ” صايع بحر”.

الساحر ومخبر وحرامي

وقد جاءت كل هذه الأفلام للأسف الشديد بعد كانت الكلمه العليا في بداية الألفية للأفلام التي تم استلهامها من داخل الحارة الشعبية وحملت مضامين قوية ومنها علي سبيل المثال ” الساحر” لمحمود عبدالعزيز ومنة شلبي للراحل رضوان الكاشف ؛ ومواطن ومخبر وحرامي لداوود عبدالسيد ومن ثم لم يكن هناك ثمة مبرر لتقديم سلسلة الأفلام الشعبية التي خلت من مضامين قوية وغالبيتها سقط بلا شك من ذاكرة السينما فلانتذكر غالبيتها رغم إنه لم يمضى سوى سنوات معدودة علي عرضها بخلاف الأفلام التي مضى عاي تقديمها عشرات الأعوام.
وتزامن هذا مع تلك التيمة الخاصة بتقديم القضايا الإجتماعية في أفلام سينمائية تماما كما شاهدنا في معلش أحنا بنتبهدل وفرحان ملازم أدم وبنات وسط البلد وعيال حبيبة وعودة الندلة والفرح.

استغراضية ولكن؟!!

وهناك مرحلة من بين مراحل الألفية الجديدة تم التركيز فيها أيضًا علي القالب الإستعراضي والغنائى بعيدا عن المضمون القوى فقد تم تقديمها في قوالب خفيفة للتسلية ليس أكثر دون البحث عن بقائها للأجيال القادمة تماما كما شاهدنا في علي سبايسي وقصة الحي الشعبي وأسد وأربع قطط وشارع الهرم وعلئ الطرب بالثلاثة وحلاوة روح والنبطشي وغيرها.

وبدانا في عام ٢٠٠٧ في التعرف ولأول مره علي ماسمي بسينما العشوائيات المستوحاة من داخل الحارة الشعبية شديدة الفقر وبدأت هذه الظاهرة بفيلم ” حين ميسرة” واستمرت في هي فوضي وصرخة نملة وغيرهم من الأفلام الأخرى واختتمت بفيلم كارما عام ٢٠١٨.
وتزامنت بالطبع مع سلسلة أفلام العنف والبلطجة التي أصبح لها الكلمة العليا في هذا التوقيت مثل عبدة موته والألماني وقلب الأسد وريجاتا وجمهورية أمبابة وشد إجزاء وأولاد رزق بجزئية وغيرهم من الأفلام الأخرى التي قدمت الحارة الشعبية في أسوء صورها وتعد بعيدة كل البعد عن الواقع الحقيقي فقد صورتها وكأنها جميعا عبارة عن بلطجية ومدمنين وعاهرات ومتعطلين عن العمل وباحثين عن الثراء بجهل وبدون مجهود وهو مايعد بعيدا كل البعد عن الواقع الحقيقي للحارة الشعبية التي تشهد كل عام تخرج أساتذة وأطباء وعلماء ورجال أعمال وتجار محترمين.
خالد فؤاد
قد يعجبك ايضآ