معلش انا توهت ؟! … بقلم / أحمد عز

بين طوفان الراب وفوضى المهرجانات

معلش انا توهت ؟! (بين طوفان الراب وفوضى المهرجانات!! )

احمد عز

بينما كنت أستقل سيارتى .. إذ فجأه وجدتنى أنسجم لا إرادياً مع نوعيه كلمات جديده بإيقاع غريب على ذهني ولكنه تسلل إلى وجداني دون تكلف، رغم أن الصوت ليس عذباً أو حتى يقترب من بعيد من الأصوات الشبابيه المألوفه لنا على الساحه معلش أنا توهت مش قادر أرجع زى ما كنت “غطسان جوه دماغي” كلمات أشعرتنى بأننى لست وحيداً في هذا الثقب الأسود الذى بداخلي وداخل كل شخص فينا الذى يحاول أن يلتهمك دائماً .. بينما أنت تحاول النجاه لتستمر وتبقى .. على مايبدو أنه سلك طريقاً غير مألوف (لغه تواصل جديده) تشعرك بأن هناك شخصاً ما قفز بداخلك ليعبر عن أفكارك وشعورك وذكرياتك المكبوته وعن كل مايمكن البوح به ولا يمكن البوح به .. قادراً على إجتذاب كل من يشبهك خاصه متوسط الأعمار الشبابيه أشبه بلغه (الفرانكو) التي فرضت نفسها وسلكت طريقاً رغم كل إعتراضاتنا .. دون أن نفكر في وضع إطار منظم لها بدلا من رفضها أو حتى نضع الحلول البديله، هذا النوع الجديد من الغناء لا منه طرب ولا منه نشاذ .. أشبه بطريقة الحكى والشكاء دون الاهتمام بجمال الصوت .. فالأهم أنه سلك تياراً ولغه جديده في التعبير ربما لأن الزمن تغير او لأن التغيير سمه طبيعيه في دورة حياة كل شيء حتى الفن .. أو بسبب أحداث العالم المتسارعه والتي إنعكست على الداخل فلم تعد الطرق التقليديه سبيلاً للوصول لمكنون النفس ..

الغريب أنى تهكمت يوماً ما على أسماء غريبه تحت مسمى الراب والترند.. لكنى إندهشت أكثرحينما علمت أن ما راقنى سماعه كان لأحد الذين تهكمت عليهم يوماً ما .. فأيقنت أن قطار المواكبه وأدوات العصر تسارعت خلسه .. وفى سياق متصل صادفتني معركه كلاميه في إحدى البرامج التلفزيونيه بين تيار (حماه الأصاله) ممثله الأستاذ هانى شاكر (نقيب الموسيقيين) وبين أحد مؤيدين الألوان الجديده في التعبير والغناء والأداء .. قائلا فلنترك للجمهور يختار ما يشاء !!

في رأينا المتواضع أن الفن رساله إنساني .. بل أحد سبل المنهج النفسي والإجتماعى (إستبطان) في شكل (سيكو دراما او موسيقى أو غنائى) تعكس ما بأعماق الوجدان من الآلام .. والعقول من أفكار في كلمات وأداء تمثيلى .. فيسقط ما يشعر به الشخص وما يعانيه المجتمع في صمت دون أن يجدالفرصه للتعبير عما يعانيه أو ربما لا يستطيع ذلك وسأخص بالذكر هنا (الغناء) بإعتباره جوهر الأزمه المثاره .. فلكل شيء في الدنيا دوره حياه من التغير والتطور .. وقياساً عليه فلكل زمان (عدويه) الذى كان ظهور لونه إستثناء وخروج عن المألوف في ظل نجوم الطرب الأصيل (حليم وأم كلثوم) حيث الأشعار المنمقه والكلمات الرنانه وزمن الأغنيه الطويل .. والذى قوبل حينها بالتهكم كأحد أبناء الفن العاق ونموذج يشوه القيمه الفنيه.. ولكن سرعان ما أصبح أحد أركان (رموز) التراث الشعبي الفني الأصيل (كمعيار يحتذى بهالأن) ثم ظهور تيارات مختلفه للأغنيه القصيره وإمتزاج الكلمات والإيقاع الغربى الشرقى كما فعل عمرو دياب مثلا ومحمد منير كذلك وظهور تيارات شعبيه عزباء أمثال عبدالباسط حموده وطارق الشيخ مرور بالأندر جرواند “كايروكي” مثلا حينما جمعوا بين (الأصاله – أم كلثم) (والمعاصره) بإحدى أغانيهم وكذلك مسار إجبارى وأحمد مكى (الراب)

ثم خرجت علينا ألوان المهرجانات!! 

كنوع جديد من  الموسيقى والأداء والميكس اكثر من إعتمادها على الكلمات والتى راقت فئه معينه جسد تروح البهجه والفرحه .. ثم صعد تيار الراب بقوه في الفتره الأخيره والذى يخاطب وجدان وعقول الشباب بالأخص .. ويعبر عن مكنونهم مع أداء حركى وموسيقى بشكل معين .. تتلخص القصه كلها في أزمه معيار؛ فلطالما وجد الإنسان وسيله للتعبير عما بداخل عقله وحالته الوجدانيه في الفرح والحزن بأداء تمثيلى أو غنائى او نظم كلمات .. لكن كيف لنا أن نتفق حول معيار إعتبار لون جديد(فناً هادفاً أم لا) وكما اشرت لكل زمن عدويه ..فلكل زمن تيار جديد بلغه جديده تتواصل بها وتنعزل ذاتيا.. سنتفاجئ بها كما حدث في ثوره يناير (لم يجدوا من يسمعهم ويشعر بهم) فإلتفوا حول بعضهم وحول من عبر عنهم (الاندرجراوند) .. ونفس الأمر منذ سنوات قليله وجدنا إكتساح المهرجانات وإلتف حولها نوعيات عديده من الشباب

ومنذ أيام قليله وجدنا حفله يلتف حولها عدد كبير من الشباب حول مغنى راب “غريباً علينا، مألوفاً لهم “يحفظون كلماته عن ظهر قلب كيف تجمعو  ومتى ظهروا؟! وكيف تلاقوا ومتى حفظوا؟ لا نعلم . . فلنحاول تجديد الخطاب الفني .. كما نسعى لتجديد الخطاب الدينى ونعيد صياغة المعايير بما يضمن الجمع بين (الأصاله والمعاصره) .. بمنطق التشارو بين ممثلين لتلك الروافد الغنائيه الجديده لا بمنطق الفرض (لأذواق كانت تستمع لأغنيه أم كلثوم ساعه ونصف) فلكل زمان مذاقه .. الأهم هو أن نرسم حدود جديده مشتركه تحت مظله تحفظ حقهم في الإختلاف .. فلنقنن أوضاعهم بما يحفظ هويتنا الشرقيه ولا يخالف قواعد الأخلاق ولا القانون ويضمن التعبير عما بداخلهم ..لأنه لا يمكن إحكام الفكر والنفس والوجدان بقبضه حديديه..

“فالفكر والوجدان لهم أجنحه”

ومن تمنعه من الباب سيقفز علينا من الشباك، وينقلبوا على أنفهسم وعلي مجتمعهم فالتكفير لتقطع دابره،يواجه بالتفكير لا بالبنادق.

 

قد يعجبك ايضآ