محمد زيدان يكتب … أين قضية العرب الأولى من الدراما العربية ؟

أين قضية العرب الأولى من الدراما العربية ؟

بقلم / محمد زيدان
مبدئياً : منذ اندلاع الثورة التونسية والإطاحة بنظام زين العابدين بن علي وما تلاها بعد ذلك من ثورات أطاحت بأنظمة سياسية في دول الشرق الأوسط فهذه جميع الأعمال الدرامية التي تطرقت إلى القضية الفلسطينية أو جرائم الكيان الإسرائيلي
1: مسلسل ذهاب وعودة للروائي والسينارست عصام يوسف والتي يدور في إطار وقوف بعض الاسرائيلين خلف تجارة الأعضاء البشرية في مصر
2:مسلسل الزيبق الحوار للكاتب وليد يوسف والسيناريو والمعالجة الدرامية للمخرج وائل عبدالله نظرا لواقعية الأحداث لأن القصة من ملفات جهاز المخابرات العامة المصرية ويدور في فترة التسعينيات وصراع العقول في قبرص واليونان بين جهاز المخابرات العامة المصرية والموساد الإسرائيلي
3: مسلسل النهاية تأليف الرائع والعبقري عمرو سمير عاطف والتي تدور أحداثه في المستقبل بعد 100 عام من الآن والتي يتنبأ بزوال الكيان الإسرائيلي
4: مسلسل أم هارون للكاتب البحريني محمد شمس والتي يدور في إطار تعرض اليهود للاضطهاد في دول الخليج في أربعينيات القرن الماضي
5: مسلسل حارة اليهود تأليف د:مدحت العدل ويدور حول انعكاس الفترة الزمنية ما بين النكبة والنكسة على حياة اليهود في مصر
لذلك وجب التنويه وإعطاء كل ذي حق حقه
**************
بالنظر إلى أعمال هوليود السينمائية, ستجد أن الغالبية العظمى منها بتدور حول صراع الولايات المتحدة مع روسيا والصين, بجانب حروبها في فيتنام وأزمة أكتوبر وتفجير برجي التجارة العالمي , وبعض الأعمال السينمائية منها تحظى بدعم لوجيستي من قبل مؤسسة الكونجرس والإدارة الأمريكية, وبتحمل هذه الأعمال في طياتها رسائل للمواطن الأمريكي عن كيفية إدارة مؤسسات بلادة لصراعاتها السياسية والاستخباراتية, ومدى تأثيرها على جوانب حياته اليومية لكي ينتبه إلى ما يحاط ببلادة ,وليس الهدف ترفيهي فقط كما يتم تصديره إلينا كعرب .
وجميع صراعات الولايات المتحدة مع الدول العظمى ,صراعات بدافع أحكام السيطرة وفرض النفوذ والسباق على من يملك الكلمة العليا والنافذة على باقي دول العالم أي “لأهداف دنيوية بحتة”لأهداف
وعلى مدار التاريخ الحديث, كان للدراما العربية دور رئيسي في تسليط الضوء على قضايا العرب السياسية والاجتماعية,وكانت تتمتع مصر بلا منازع بالريادة في هذا المجال, وبعد سقوط الأنظمة السياسية في بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2011 وما تلاها سيان كان الأمر متعلق بمؤامرات خارجية أم ثورات ناتجة عن غضب الشعوب فيما آلت البلاد من تدهور في أوضاعها الاقتصادية والسياسية, إلا أنه فقد أثبتت المؤشرات والنتائج أن عدو العرب الأول “الكيان الإسرائيلي” هو المستفيد الوحيد وصاحب الدور الرئيسي في تحريك الأحداث التي شهدتها تلك الدول, وكان يقف خلفها أو بمعنى أدق كان يعمل على استثمارها وتوجيها لصالحه.
وأكبر دليل على ذلك , بأنه تم استبدال عدائنا بعداء عدو آخر وهو الإرهاب ,في استنزاف طاقتنا الاقتصادية والبشرية والعسكرية بغض النظر على أن صناعته ترجع إليه من الأساس.
وبمقارنة الكيان الإسرائيلي سياسيا وجغرافيا قبل وبعد عام 2011,ستجد أن نتائج الأحداث للعشرة أعوام الأخيرة كانت لصالحه,بل جعلت منه مكانة وجعلته أيضا في مكانة بين الدول العربية, كانت أبعد من طموح وخيال القائمين على إدارته السياسية والعسكرية, وهذا باعترافهم ,مما يؤكد ويجزم بأنه صاحب اليد العليا في وضع المعالجة السياسية لسيناريو تلك الأحداث والأمور, وإحقاقا للحق استطاع أن يحسن صياغتها ومعالجتها بمهارة وبراعة , تستدعيا أن نرفع له القبعة.
وبما أن الفن والموسيقى يمثل القوة الناعمة وسلاح لا يمكن الاستهانة به, نظرا لتأثيره الطاغي على تفكير الشعوب وتوجيه الرأي العام ,كان ينبغي أن تكون تلك الفترة هي محط اهتمام صناع الفن والدراما ومن الواجب الوطني قبل المهني بحكم أن الفن رسالة سامية ,كان لابد من طرحها وتقديمها من جميع الزوايا في صورة أعمال درامية وسينمائية.
لكن أصبح مجابهة الإرهاب أولوية القائمين على صناعة الدراما العربية ,وإذا كان الإرهاب هو أكبر أعداء العرب بالإضافة للفقر والجهل,فالقضاء عليهم يبدأ بمجابهة الكيان الإسرائيلي, وليس المقصود بالمجابهة المواجهة العسكرية ,فالمواجهة العسكرية آتية لا محالة ولا ريب في ذلك فهذا وعد قراني والهى, وهناك أجيال سيصطفيها رب العزة لهذا الشرف, ومثلما قالت جولدا مائير عندما سئلت عن عقيدة المسلمين تجاه المسجد الأقصى,فأجابت بان المسلمين المنوط بهم المواجهة عسكريا ما زالوا في أرحام أمهاتهم حتى الآن في حينها, إنما المقصود بالمجابهة المجابهة الفنية والثقافية.
وارد جدا أن يكون لأجهزة مخابرات دولنا العربية رؤية استراتيجية لها بعد عسكري وسياسي, بان عدم الإفصاح عن أي نشاط للكيان الإسرائيلي وجهاز استخباراته في هذه الفترة الزمنية تحديدا هو بمثابة أمن قومي, إنما أين الرؤية الإبداعية للمؤلفين وكتاب السيناريو في أعمالهم الدرامية والسينمائية, من إسقاط سياسي على الأحداث المؤسفة التي جرت وما زالت تجرى حتى وقتنا هذا.
جميع الاتفاقيات والمعاهدات السياسية التي أبرمت بين الكيان الإسرائيلي والعرب ,هو الوحيد الذي خرج منها مستفيد عكس ما كانت تهدف إليه هذه الاتفاقيات من تحقيق السلام لجميع الأطراف المتصارعة والجغرافية المتنازع عليها, بل زادته قوة وإجراما إلى حد الفجور ومنحته ثقة وجرأة غير مسبوقة في تاريخنا قبل تاريخه ,ورغم بنود الاتفاقيات وما تنص عليه إلا أنه يتعامل معنا وكأنه في حالة حرب شاملة مع الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه , مسخراً ومستخدماً جميع أدواته السياسية والعسكرية, أضافتا لقصف طيران دفاعة الجوى بصفة مستمرة لعدة مواقع سورية بدون أي مبرر وبإبداء أسباب واهية.
كذلك الأمر متعلق أيضا لما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في لبنان,بالإضافة لاضطراباتها السياسية ,فهي تأتي في المقام الأول لصالحه, نظراً لأن كل ما ازدادت الدولة اللبنانية ضعفاً كلما تمكن من ممارسة ضغوطه من أجل الموافقة على الجلوس لترسيم الحدود البحرية معه, مما يسمح ويتيح له الفرصة ويعطيه الغطاء السياسي بأحقية التنقيب عن الموارد المائية “حقل غاز كاريش “كل ذلك وغيره من الجرائم, يحدث على مرئي ومسمع المجتمع الدولي ,وتحت عدسات مجهر مجلس الأمن لكن ازداوجية المعايير والكيل بالف مكيال هي السائدة.
أين كل هذه الأحداث والجرائم في حق الشعوب العربية وغيرها والتي لا تعد ولا تحصى خلال آخر عشرة أعوام فقط في تاريخنا من أعمالنا الدرامية وإنتاجنا الأدبي في معارض الكتاب.
غياب تسليط الأضواء عنها, لن يغير من الواقع والحقيقة شيء وستظل مشاعر الشعوب ومواقف الجيوش ثابتة, بالعكس مازال الجيش الإسرائيلي بالنسبة للجيوش العربية هو جيش على خط المواجهة المحتملة ,وصراعات الدول العظمى القائمة لدوافع دنيوية بحتة ,بيتم تسخير كل ما هو متاح لديهم من أسلحة ومن أساليب سياسية قذرة لحسمها ,فما بالك بقضية دافعها في المقام الأول هو ديني ومن صلب العقيدة.
محمد زيدان
قد يعجبك ايضآ