“محدش بيحاول وبيجيب صفر!!”

بقلم / أحمد عز

محدش بيحاول وبيجيب صفر !!”

ذات يوم وقع من خاتمى فصه الأسود،
على الرغم من محاولة تثبيته مرتين
بمادتين لاصقتين مختلفتين من قبل
صديقاً لي يعمل صائغا للحلى.. إحداهما
الماده المعروفه “بالأمير” كما أبلغنى بعد
ذلك ..فتعبجت من الأمر..ما هذا العصيان
لذلك الفص الأسود؛ ألا يرغب أن يبقى
معي ويلازمنى أيامى .. أم أنه خطأ في
التسليم بالمستحيل!!
فقررت أن أتفحص اليوتيوب بحثاً عن
حل للأزمه.. فوجدت الفيديوهات كلها
تشير إلى أن “ماده الأمير” هو الحل
الأمثل للتثبيت.. فماذا عساى أن أفعل؟

أقر بما أخبرنى به صديقى المتخصص، أم
أسلم أذنى للهواه على اليوتيوب؟؟
لكننى قررت أن أفكر تفكيراً منطقياً
لأتفحص الأمر .. ماذا سيحدث إن حاولت
وجربت لأقطع الشك باليقين .. فالتجربه
ثمنها ليس باهظاً (جنيهان) وخمسة
دقائق للشراء وعشرة دقائق لإجراء
التجربه إن أثبت صدق هذا الفرض؛
سأخرج بدرساً مستفاداً (قانوناً عاماً)
أن (ماده الأمير حلاً لكثير من المشكلات)
الخاصه بالحلى والمعادن وإن أخطأت؛
سأتعلم ألا أهدر وقتى في شيء غير
مجدى مع ماده لا تتناسب مع المعادن،
فكما تَختبر معادن الناس بالمواقف، كذلك
تُختبر صحه الإدعاءات بالتجربه.. وهنا
تذكرت عباره إصطدمت بها في الفيسبوك
ذات يوم مفادها..

محدش بيحاول وبيجيب صفر!

فإذا نجحت فهو مكسب (وحلاً للأزمه)،
وإذا أخطأت فهو مكسب أيضاً.. أي درساً
متعلماً سيعينك على إختصار مزيداً من
الوقت وإكتساب المزيد من الخبره
والمهاره… أي أنها تعينك على تحقيق
النجاح بشكل أعظم في الخطوه التاليه.

وكعاده كل ليله أدعو نفسى على حفلة
“الصفاء الذهنى” لأشرب كأساً من التفكير
والتأمل في مجريات حياتى ..ما صدر
منى من محاولات …وما حققته من
إنجازات طوال سنوات عمرى السابقه
حتى اليوم .. وما لم يتحقق بعد وما
فشلت فيه وما سأصل إليه… أو ربما لا
أصل أصلا .. ولا بأس من بعض الذكريات
التي تفتح قليلاً من الجروح المزمنه..ثم
بعدها يسقط هاتفى على وجهى من أثر
السَكّره بعد أن أصبحت ثملاً من هذا
الكأس.. لأستيقظ صباح اليوم التالى لأبدأ
يوماً جديداً وكأن شيئا لم يكن.. فلا منى
أصل ولا منى أعود..فإذا كنت ممن عافروا
أو ناضلوا وبذلوا كل الغالى والنفيس من
جهد في حياتهم أو مجالهم أو مستقبلهم
ليصبحوا مميزين وأسماؤهم رنانه لها
وزنها .. يريدوا ان يصنعوا مجداً عن
جداره .. ليحققوا قيمه يستحقونها في
أعين أنفسهم وأعين الأخرين.. ولم تصل
حتى الأن أو لم تحقق إلا الفتات،
فتتسائل حينها.. ماذا عساي أن أفعل؟
فعلت كل شيء ولم أصل أين المشكله؟
أنا فاشل، أنا صفر أنا ولا حاجه .. فكلام
المحيطين عنى يبدو أنه صحيحاً.. فإنت
“مجبتش صفر” لأن وقود النجاح هو كل
تعثراتك النفسيه والماديه!!

No pain no gain

فلا تُصنع فطائر الحلوي إلا بمزيداً من

الجهد والعجن ولا تُصنع العضلات إلا
بمزيداً من العناء .. ولن تصل إلى مأربك
إلا إذا مررت بأحلك اللحظات.. فشلاً
داخلياً .. لحظات إستسلام وأنت في أشد
قوتك وإيمانك .. تغرق وتستتنجد بينما
الجميع يراك من بعيد مستمتع وتلهو في
الحياه ورأسك مرفوعه.. بينما انت ترفعها
لتلتقط الأنفاس، لحظات تشعر فيها إنك
“إمعه”، فاشلاً .. لست شيئاً .. وما تفعله
عبث في عبث وإهدار للوقت، ومحاولاً
فقط أن تكون لامعاً أمام الجميع في
عرض مسرحى على مواقع التواصل ليس
إلا.. لقد بالغت في حق نفسك كثيراً!!
لحظات عصيبه ستمر عليك برغم كل ما
فيك من صبر، وقوه، وطاقه، وإنجازات،
ووجهات نظر ورؤي ودعم وإلهام..

(ذاك المعدن الأصيل الذى ينعكس في عيون الأخرين).. 

بينما أنت لا تراه واضحاً أحياناً.. بل يراه
الأخرون كأن تستقل مصعد إحدى المباني
الشاهقه فلا ترى إلا صوره واحده فقط
وهي أبواب المصعد… وتكاد لا تشعر
بحركته .. بينما المتابعون خارجه يرون
صعوده تدريجياً للأعلى وكم يتمنون أن
يكونون مكانك أو يصعدوا لربع تلك
الأدوار.. فإحذر كما يخرج من رحم
الضعف والظلمه (شعاع الأمل)، قد يخرج
من رحم الضياء والتماسك والعزيمه،
والإيمان (شعاع الضعف) الذى يفتت
قواك إلى حصى متناثره.. ولكن “لإنه الله”
صانعك .. عالم السر وما أخفى.. لإنه يدبر
الأمر بينما أنت غارق في الشكوك؛
لايتركك وحيداً .. سيرسل لك في أحلك
لحظات يأسك رسائل دعم معنويه،
(رسائل تثبيت الأقدام)؛ كما فعل مع
الأنبياء من قبل، وعليك أن تلتقطها
بفؤداك وحكمه.. وإيمانك المستنير، فلا
تتجاهلها كمن كان يغرق وأهدر فرص
النجاه بضيق وعيه، حينما كانت تمر
بجواره قوارب النجاه يمدوا له يد العون
وهو يرفضها قائلاً… إن ربى سينقذنى
حتى غرق في النهايه!!

تخيل مثلا مشهد سيدنا نوح وهو يطلب
ممن أمن به ورسالته.. وهو يخبرهم بأن
هناك خالق لم يروه يأمرهم بأن يبنوا
سفينه في قلب الصحراء ومطلوب منهم
ان يصنعوا كل يوم بنفس العزيمه
والإصرار والهمه والإيمان .. مهما كانت
ضحكات الساخرين المارين عليهم .. تُرى
ماذا كان يدور في نفوس المؤمنين تجاه
ما يفعلوه وتجاه سيدنا نوح وما تبادر إلى
سيدنا نوح بداخله .. بماذا سيخبرهم
ليثبتهم لقد جفت كل كلمات الدعم!!
هل تخيلت نفسك مكان سيدنا موسى وهو
يقنع المؤمنون به أنه نبى وهناك إله لم
يروه يطلب منهم أن يفروا إلى البحر
وفرعون وجنوده من ورائهم ولسوف
ينشق البحر لأجلهم فما لسان حال أتباعه
بداخلهم أهل جننت يا رجل هذا إنتحار!!
ولسان سيدنا موسى كيف سأقنعهم وأقنع
نفسي .. في لحظات لا يمكن فيها التراجع
أبداً..هل تخيلت مثلا والقاده يحاولون أن
يقنعوا الجنود والضباط ..بأننا سنسترد
أرضنا بخراطيم المياه من بين أنياب
الأسطوره التي لا تُقهر من أمام فتحات
النابلم وتحت سماء عتادهم من ضرب
المدفعيه والطيران وكأننا نروى حديقة
بيتنا وقت الظهيره.. وكم شعور بالقلق
وفقدان الامل والثقه اصابهم وقت النكسه
واثناء العبور وبعدها؟!

كم لحظه عصيبه مرت على “مو صلاح”
حينما قال وهو لاعب متواضع (مهاره
ومستوى إجتماعى) أننى ساكون يوماً ما
نجماً عالمياً وكذلك “البيج رامي” بعدما
كان صياداً بسيطاً وفشل مرات ومرات ان
يكون بطلاً للعالم حتى تحقق الحلم مكان
ارنولد.. فالإيمان بنفسك، بالفكره ” بالله”
يا ساده ما هو إلا (ثقه في ان تضع قدمك
على الخطوه التاليه حتى وإن لم ترى
الدرج)… كل ما سابق يعنى أنه..

“محدش بيحاول وبيجيب صفر أبدا !!”.

إما نصرا أو درسا (عبره – خبره – كفاءه
– للتماسك) لتبدأ فرصة نجاح أكبر من
جديد بشكل أذكى وأجدر.. فالصفر هو
السكون، هو لحظة خروج الروح، هو
لحظة إنهيار بطارية هاتفك، هو لحظة
نزع حجر الساعه، هو إنتهاء رصيدك من
كل شيء، الصفر بعباره أخرى هو اللاشئ؛
بينما المحاوله هي الحركه.. هي سنه
الكون.. لا يهم أن تحقق نفس النتائج كل
مره.. كأن تشرق الشمس ساطعه في كل
الفصول، فما يهم ألا تتوقف عن السعى
والمحاوله والحركه حتى تنتقل من
النقطه “A” To “B” .. فكل مره لا تحقق
ما سعيت فهى لا تعنى صفرا أبداً.. بل
ستكون بمثابة قطرة مياه من أصل ٢٠٠٠
قطره توجب سقوطها على الحجر في
نفس المكان؛ لتنجح في تفتيته يوما ما!!

الجميع سيدخل النفق المظلم بعد النور
ولكن ستخرج منه لا محاله يوماً ما،
فالكل لابد أن يمر بمواقف الإختبار
(إختبار مبادئك، إيمانك، طموحك
الشخصي) فالرخاء لا يصنع قائداً ماهراً
وليس كاشفاً للحقيقه .. فقط مواقف
الإختبار تفعل ذلك!

هون عليك يا عزيزي؛ فالضعف ليس عيباً،
العيب أنك تعتقد أن هذه نهايتك أو أنك
ستكون على القمه دائماً .. بينما العناء كله
في المحاوله ألا تسقط في القاع أو تنحدر
كثيراً عن القمه والصداره المعهوده امام
نفسك.. وامام الجميع .. وكل ما تزرعه
سينعكس عليك يوما ما كضوء الشمس
حينما يصطدم بسطح لامع.. أشخاص
زرعت فيهم الخير يوماً ما..

“إزرع جميلا ولو في غير موضعه فأينما
زُرع لن يضيع جميلاً”

“ومن يتق الله يجعل له مخرجاً”

“وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي”

“وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان”!

خليك فاكر..

محدش بيفضل يحاول ويجييب صفر.

 

بقلم أحمد عز

 

 

قد يعجبك ايضآ