أماني العباس:اخترت الأغاني الثورية كمحور أساسيّ في الأطروحة

أماني العباس:اخترت الأغاني الثورية كمحور أساسيّ في الأطروحة

حوار /لطيفة محمد حسيب القاضي
الباحثة والمتخصّصة في الدراسات العربيّة والترجمة أماني العباس كيلينغ. ولدت في ألمانيا  من أصول فلسطينية.

أنجزت البكالوريوس في جامعة كولونيا في كلية الآداب ثم انتقلت إلى جامعة بون الألمانية حيث حصلت على درجة الماستر للدراسات العليا في اللغة العربيّة وآدابها والترجمة من قسم العلوم الإسلاميّة واللغات الشرق-أوسطيّة التابع لمعهد الدراسات الشرقية والآسيوية.

وتمحور مجال بحثها في الدراسات العليا حول شاعر الثورة الفلسطينية الراحل  “محمد حسيب القاضي”.
وكان لنا معها هذا اللقاء:
أجريتِ أطروحة الماستر للدراسات العليا في معهد الدراسات الشرقيّة والآسيوية في جامعة بون الألمانيّة واخترت موضوع مناقشة الأطروحة حول شاعر الثورة الفلسطينية الأديب والناقد …لماذا تم أختيار  الراحل محمد حسيب القاضي؟

عند اختيار موضوع أطروحة الماستر، كان مهمًّا بالنسبة لي اختيار مجال غير معروف من الأدب الفلسطيني. أدركت، بعد عمليّة مسح للمراجع، أنّ أدب المقاومة الفلسطينيّ بشكل عام قد تمّ التطرّق إليه في المشهد الأدبي الألماني.

ولكن مجال الشعر الثوري الفلسطيني لم يكن مادّة للبحث في اللغة الألمانية، فقررت أن أفعل ذلك.

اخترت شاعر الثورة الفلسطينيّة محمد حسيب القاضي بناء على مقترح من قبل أستاذي الدكتور سرجون كرم، خصوصًا لأنّ قصائد الشاعر القاضي كان لها تأثير حاسم على هذا النوع من خلال ما قدّمه للأغاني الثورية، غير أنّه لم يحصل على التقدير الأدبيّ الذي يستحقه في الدراسات، ولم تتمّ الإضاءة على هذه التجربة بشكل جدّيّ حتّى الآن.

واكتشفت أيضًا، من باب المصادفة، أنّ لدي اتصالا شخصيّا مباشرًا باختيار موضوع أطروحتي، فقد نشأ والداي مع هذه الأغاني والأناشيد.

ما هي أهم محاور الأطروحة؟

أنا ممتنة لأساتذتي الأستاذ الدكتور سرجون كرم والأستاذة الدكتورة داغمار غلاس لأنه كان لديّ الحريّة، إلى حدّ كبير، في اختيار محور أطروحة الماجستير.

بعد أن حصلت على تسجيلات الأغاني الثورية والنصوص الشعريّة للشاعر محمّد حسيب القاضي، اخترت الأغاني الثورية كمحور أساسيّ في أطروحة الماجستير.

في الجزء الرئيس قمت بتحليل الأغاني الثورية وتحليل الرموز التي تركّز عليها مثل رمز الشهيد والوطن والحرب وكيفيّة تصويرها في النصّ الثوري للشاعر القاضي.

علاوة على ذلك، شكّلت ترجمتي لمقابلة الشاعر محمد حسيب القاضي مع الناقد الفلسطيني محمد العجلة من العربية إلى الألمانية عاملا مهمّا، كوني بهذه الطريقة، تمكنت من إعطاء القارئ الألماني انطباعًا مباشرًا وحقيقيًا عن فكر القاضي وعلاقته بالأدب.

كيف توصلتِ عن معلومات تخص الشاعر حسيب القاضي وأنتِ مقيمة في ألمانيا وبعيدة عن الوطن العربي، هل كانت هناك صعوبة في حصولك عليها؟

لا شكّ أنّنا في العصر الحديث، عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والمكتبات الجامعيّة العملاقة، يمكن العثور على المعلومات بشكل سهل، غير أنّني لم أجد أية معلومة عن الشاعر محمد حسيب القاضي في اللغة الالمانية.

كان من الضروري أن أبحث عنه في اللغة العربية فقط، فتأمّنت لي كتبه ومسرحيّاته ومقالات عن حياته، ومقابلة تليفزيونية له مع الناقد محمد العجلة، كلّ هذه المصادر العربيّة شكّلت المادّة التي تمّ عرضها في البحث العلميّ باللغة الألمانيّة، وهكذا أستطعت التعرّف والتعريف بشخصية محمد حسيب القاضي كإنسان يكتب من أجل الأزمات الإنسانية وككاتب فنيّ ينجح في المقاومة بكلماته.

قال  روبيرتو خواروث :”إن نجعل النص الذي نقرؤه يقرأنا” كيف وجدت ذلك في شعر محمد حسيب القاضي؟

في رأيي أنّ هذا الاقتباس شبه صحيح فقط. بالطبع نحن نقرأ النصوص التي تهمّنا وإلا فلم نكن لنقرأها.

في الحقيقة نحن نقرأ النصوص المتعلقة بالموضوع الذي يهمّنا وهذه النصوص يمكن أن نتفق على محتواها أو نعارضه.

وهذا هو الطريق الذي يقرأنا النص عليه. عندما نقرأ نصًا نفكر في مضمونه، وهذه الأفكار تعكس موقفنا من النص والموضوع ذاته.

لتقرير موقفنا من موضوع ما بشكل نزيه، من الضروري أن ننظر إلى الموضوع من كل زاوية وأن نقيم اعتبارًا دقيقًا لجميع المعلومات.

وهذا ليس ممكنًا إلا من خلال قراءة نصوص مختلفة ومتضاربة.
عندما قرأت شعر محمد حسيب القاضي اطلعت على خبرات وخواطر وقضايا مثيرة ومهمّة لشاعر كتبها في مراحل صعبة، وقد أسهمت جميعها في تركيب صورة كلية. لشعر محمّد حسيب القاضي تأثير كبير على هذا التركيب لكونه شهادة خالدة على اجتهاد الثورة الفلسطينية.

في العلاقة مع الكلمات يبدو أنه يصبح لها معنى آخر ومن جهة آخرى يتغير معناها، هل هذا ما يهبه لنا شعر حسيب؟

نعم. أثناء دراسة شعر محمد حسيب القاضي في الدراسة، لاحظت على الفور لغته البليغة والتي يمكن فهمها بشكل غامض وبمعنى مزدوج في العديد من الأماكن.
يتطلب استقبال شعر محمد حسيب مستوى عاليًا من المعرفة العامة والعلمانيّة والغنائيّة.
فيما يتعلق بأغانيه الثورية، يستخدم القاضي لغة الحياة اليومية بدلاً من اللغة الغنائية.

من خلال أغانيه الثورية يخاطب القاضي المستمعين وهدفه الأول هو التركيز على إيصال رسالة بوضوح.

ما الصعوبات التي واجهتها عند مناقشة الاطروحة؟

في التعامل مع نصوص محمد حسيب القاضي من المهم للغاية الدراية بالسياق التاريخي للحوادث المتصلة بالقضية الفلسطينية والميثولوجيا الاغريقية لفهم اللغة المجازية الذي يستخدمها في كتابة شعره.
هذان الجانبان يمثلان تحديًا للقارئ لتحليل شعر القاضي. ولكنّ التعامل مع نصوصه لفترة أطول تسهّل فهم شعره أكثر فأكثر.

ثمة نقاش يدور حول وصف الأدب، ولا جدوى الكتابة في هذا الزمن ..أود أن أتعرف على رؤيتكِ لفكرة ووظيفة الأدب اليوم؟

إن أهمية الأدب اليوم متنوعة للغاية وتعتمد على العديد من العوامل. في عالم شكلته التكنولوجيا ووسائل الإعلام والتبادل السريع للمعلومات، يمكن اعتبار الأدب أحد المصادر القليلة المتبقية للتجربة الإنسانية الأعمق وللتفكير.
يمكن للأدب أن يساعد في فهم العالم من حولنا ويأخذنا بشكل أعمق في التجربة الإنسانية.

يمكن أن يساعدنا أيضًا في تطوير التعاطف مع الآخرين من خلال غمرنا بأفكار ومشاعر الآخرين.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتبار الأدب أيضًا تراثًا ثقافيًا يربطنا بتقاليد وتاريخ مجتمعاتنا. ويمكن أن يكون أيضًا وسيلة للحرية والتعبير الإبداعي، لا سيما في المجتمعات التي يتم فيها تقييد حرية التعبير.
بشكل عام، يعد الأدب جزءًا مهمًا من المشهد الثقافي لدينا ويلعب دورًا مهمًا في التجربة البشرية والتنمية.

قال جوبير جوزيف:”إن الكلمات في لغة التخاطب اليومي تذكرنا بالأشياء “كيف أثرت عليكِ مناقشة الأطروحة  في حياتك؟

على الرغم من أنني كنت على علم بموضوع الثورة الفلسطينية بصورة عميقة قبل التطرّق إلى شعر محمد حسيب القاضي، غير أنّ نصوصه قد جعلتني أفكر أكثر في بعض جوانب الثورة الفلسطينية المتناولة بشكل أقل مثل نشأة الثورة وتطورها ووجهة نظر الفلسطينيين المهاجرين إلى البلدان المجاورة الذين يعيشون حياة صعبة حتى اليوم.
فبالتالي استطعت أن أستبطن علمًا عن القضية الفلسطينية، وهذا هو مغنم لن أفقده أبدًا في حياتي.

 

قد يعجبك ايضآ