تعرف على تجارة حققت مكاسب مادية عالية|تفاصيل

تعرف على تجارة حققت مكاسب مادية عالية |تفاصيل  

أن  الحديث عن الاستثمار في البيانات والمعلومات لم يعد جديدًا على الساحة الاقتصادية العالمية، بل هى اصبحت نوع من انواع التجارة حققت مكاسب مادية كبيرة وقفزات ربحية عالية، وقد كثر الحديث عن موضوع بيع البيانات، والتى يقصد بها حجم المعلومات الشخصية والمهنية، التى يمكن تحليلها للكشف عن الأنماط والاتجاهات، والأحوال المتعلقة بسلوك الإنسان.

أن تجارة البيانات، هي نتاج تراكمي لما يتركه مستخدمو الإنترنت ومرتادو وسائل التواصل الاجتماعي من معلومات عنهم، مثل الصور والبيانات الشخصية، وتعليقات خاصة بحياتهم وأفكارهم وانتماءاتهم، وأساليب غذائهم وسفرهم وصحتهم ورياضتهم، ومستوى دخلهم وجنسهم، واهتماماتهم الترفيهية والثقافية، وكل ميولهم وأهوائهم الأخرى.

مجالاً تجارياً

تعد “تجارة البيانات”، مجالاً تجارياً يدر مليارات الدولارات، ويتمثل فى شركات تجمع المعلومات عبر الإنترنت وخارجه، وتعيد بيعها لشركات أخرى لأغراض التسويق. وكلما زادت معرفتهم بالمستهلكين، ارتفعت قدرتهم على استهدافهم، وزادت فرص نجاحهم فى تقديم الإعلانات بفاعلية أكبر، لذلك دائما ما يسعى وسطاء البيانات، إلى جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، والأمر يصل فى أحيان كثيرة إلى أكثر من ذلك، فعلى سبيل المثال، أحيانا تستغل بعض الشركات تحيزات إدراكية للإنسان كى تبيع له منتجا ما.

أهمية البيانات

ومع ظهور مفهوم البيانات الكبيرة كعلم له أدواته وأهدافه، انتبه العالم بشكل متصاعد خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين لأهمية البيانات، والاستفادة من تراكماتها اليومية الضخمة، كثروة مادية تتميز بأنها تزداد فى قيمتها كلما تم استخدامها، ولا تنضب مثل الثروات الطبيعية الأخرى، كالنفط والذهب والحديد والنباتات وغيرها، والتعريف العلمى يصف البيانات الكبيرة بأنها مجموعة من البيانات كبيرة الحجم ومعقدة التركيب، بحيث لا تتمكن برامج معالجة البيانات التقليدية من التعامل معها، بل تحتاج إلى أنظمة متقدمة لإدارتها وتحليلها خلال فترة زمنية معقولة.

وبحسب تقرير لمؤسسة “داتا إنترناشيونال”، المتخصصة بخدمات الأبحاث والاستشارات تحظى كل من شركات “جوجل” و”فيسبوك” و”آبل” و”أمازون”، بنحو 90%، من هذه المعلومات، وبعد أن كانت هذه الشركات تستخدم البيانات لاستهداف الإعلانات، اكتشفت فى السنوات الأخيرة، أن هذه المعلومات يمكن أن تتحول إلى عدد من الخدمات “المعرفية”، كما تسهم فى تغذية الذكاء الاصطناعى، وبعضها يولد مصادر جديدة للدخل، حيث يمكن بيعها للشركات لاستخدامها فى منتجاتها الخاصة، أو للحكومات لاستخدامها لأغراض أمنية. وتوقع التقرير أن تصل الإيرادات العالمية للبيانات الضخمة وتحليلات الأعمال المبنية على تلك البيانات إلى أكثر من 200 مليار دولار سنويا.

قيم سوقية

وحاليا أصبح الاستثمار فى البيانات، جزءا من القيم السوقية لشركات التكنولوجيا والإنترنت؛ حيث تضاعفت القيمة السوقية لشركة «أمازون» 21 مرة فى السنوات العشر الأخيرة، وإذا كانت قيمة شركة “أوبر” تقدر بنحو 68 مليار دولار، فإن ذلك يرجع إلى أنها تمتلك أكبر مجموعة من البيانات حول العرض يتمثل فى السائقين والطلب يتمثل فى الركاب والذى بدوره يفيد شركات مثل “تسلا” للسيارات، التى تعتمد فى تصميم أحدث موديلاتها على كم هائل من البيانات المتعلقة بالنقل الشخصى.

وتعتبر البنوك، والشركات المصنعة لمنتجات مستقلة وكاملة كالسيارات والموبايلات والألعاب، بالإضافة إلى شركات الخدمات المهنية، مثل التسويق والإعلانات والاستشارات القانونية، وشركات المال والعقار وصناديق التقاعد والتأمينات، فضلا عن الحكومات الاتحادية والمركزية. من أكثر الصناعات استثمارا فى البيانات الضخمة، وحلول تحليلات الأعمال، هى أما الصناعات، التى ستشهد أسرع نمو فى الإنفاق على البيانات وتحليلها فهى الخدمات المصرفية، إلى جانب قطاعات الرعاية الصحية، والتأمين والأوراق المالية، وخدمات الاستثمار والاتصالات.

و فى الشرق الأوسط وإفريقيا، فالإمارات العربية هى المساهم الأكبر باستثمارات البيانات مع أكثر من 10 مراكز للبيانات، بينما فى إفريقيا، شهدت جنوب إفريقيا استثمارات كبيرة لنحو ستة مرافق لمراكز البيانات، تليها تركيا والمملكة العربية السعودية وكينيا ونيجيريا وإثيوبيا ومصر والمغرب.

الاقتصاد الرقمى

وينظر الاقتصاد الرقمي للبيانات الكبيرة، على أنها أحد أهم أسس بناء أى اقتصاد مستدام بالحاضر والمستقبل، لأنه سيكون معتمدا على المعرفة والتحليل الحقيقى والفهم الواقعى، ولا يتركه للمصادفة أو الحظ، ومن أجل تحويل البيانات الكبيرة لمعلومات واضحة ومعارف قابلة للاستخدام. وهناك فرعان من العلوم يتم توظيفهما كمنهاج لنمذجة البيانات ومعالجة البيانات الكبيرة، وهما علم البيانات وعلم تحليل البيانات.

فعلم البيانات هو مجال يجمع بين تخصصات متعددة مثل الإحصاء، والرياضيات، وتقنيات جمع البيانات الذكية، ومواءمتها للتحليل بهدف استخلاص رؤى ومعلومات. أما علم تحليل البيانات، فهو يركز على إجراءات التحليل الإحصائى لمجموعات البيانات المتوفرة للكشف عن الأنماط الخفية والعلاقات غير المعروفة، كاتجاهات السوق وتفضيلات المتعاملين، وعلى تصميم طرق مبسطة لعرض البيانات والمعلومات لحل المشكلات والإجابة عن التساؤلات التى تهم صانع القرار، وإيجاد نتائج يمكن أن تؤدى إلى تحسينات فورية.

الأنشطة الاقتصادية

ولم يبتعد الدكتور عصام الجوهرى، أستاذ نظم المعلومات وإدارة التحول الرقمى عن تعريفة لاقتصاد البيانات، بأنه مصطلح يشير إلى الأنشطة الاقتصادية التى تعتمد على البيانات، والتى تتضمن جمع، وتحليل، ومشاركة، وبيع البيانات. وأوضح أن من أهم أسباب نمو هذا الاقتصاد هو الزيادة المطردة فى حجم البيانات المتولدة عن استخدام منصات التواصل الاجتماعى، والتسجيل فى التطبيقات التكنولوجية، والحكومة الإلكترونية للمواطنين ومنصات البحث، والخدمات عبر الإنترنت والتجارة الإلكترونية.

مشيرا إلى أن اقتصاد البيانات ينمو بسرعة كبيرة، حيث تقدر قيمة سوق البيانات العالمى بنحو 2.5 تريليون دولار عام 2023، ومن المتوقع أن ينمو إلى 3.3 تريليون دولار بحلول عام 2024، ويرجع هذا النمو إلى عدد من العوامل، بما فى ذلك زيادة استخدام البيانات فى قطاعات الأعمال المختلفة، وزيادة الطلب على المعلومات من قبل الحكومات والشركات. ويوجد العديد من الفوائد الاقتصادية لاقتصاد البيانات على حد قوله، منها، زيادة الكفاءة حيث يمكن استخدام البيانات لتحسين الكفاءة فى العديد من الأنشطة الاقتصادية، مثل الإنتاج، والتسويق، والتوزيع.كذلك فى دعم الابتكار من خلال توفير رؤى جديدة للشركات والحكومات وخلق فرص عمل فى مجالات مثل تحليل البيانات والذكاء الاصطناعى. هذا فضلا عن دوره فى تعزيز النمو الاقتصادى.

قد يعجبك ايضآ