تحقيق- جائحة كورونا تظهر الأهمية البالغة لإحصاء حالات الوفاة المرتبطة بها في العالم

أظهرت الأشهر الـ 18 الماضية أن إحصاء أعداد حالات الوفاة العالمية المرتبطة بمرض “كوفيد 19-” بصورة دقيقة، هو أمر حيوي للغاية من أجل حماية الأحياء، بحسب ما ذكرته وكالة “بلومبرج” للانباء في تقرير لها.

وجاء في التقرير الذي أعدته المحللة الأمريكية كلارا فيريرا ماركيز، بالاشتراك مع الكاتب البريطاني كلايف كروك، إنه عند بداية ظهور وباء كورونا، افتقرت العديد من الدول إلى وجود أنظمة تسجيل مناسبة لهذا الغرض، بينما شهدت دول أخرى انهيار عمليات التسجيل الخاصة بها نتيجة لما تعرضت له من ضغط كبير.

وتسبب كل ذلك في جعل تتبع انتشار “كوفيد 19-” والتعامل مع العواقب المترتبة عليه، أمرا صعبا. وحتى في الأوقات العادية، من الممكن أن يؤدي نقص البيانات المتعلقة بحالات الوفاة وأسبابها، إلى إعاقة الجهود المبذولة لحماية الصحة العامة بصورة خطيرة. ويجب أن يكون إصلاح ذلك النقص أولوية عالمية.

وأوضح التقرير أنه من الممكن أن تعطي المعلومات الموثوقة بشأن حالات الوفاة والإصابة، تحذيرا بشأن تحديات الصحة العامة المتزايدة، مثل أمراض القلب الناتجة عن السمنة ومرض السكري، أو تعاطي المخدرات. كما يمكن أن تساعد أيضا في تحديد التباينات العرقية وغيرها من الفوارق التي تلقي الضوء على عدم المساواة في الشؤون المتعلقة بالإسكان والوظائف والحصول على الرعاية الصحية.

وعلى سبيل المثال، فقد كانت معدلات الوفاة المرتبطة بمرض “كوفيد 19-” أعلى بكثير بين الأمريكيين من ذوي البشرة السمراء، بالمقارنة مع الأمريكيين البيض؛ كما تظهر الاعداد التي تم تسجيلها في المملكة المتحدة نفس الشيء. أما في الهند، فقد أدى نقص البيانات الخاصة بالمناطق الريفية في بداية تفشي الجائحة هناك إلى حالة من التراخي المميت.

ويمكن تماما افتراض أن الوفيات المرتبطة بمرض “كوفيد 19-” كانت ومازالت أقل من الاعداد الحقيقية في الكثير من أنحاء العالم، حيث أنه لم يتم تسجيل ما يقرب من خمسي الوفيات في أنحاء العالم، وهناك غالبية عظمى في إفريقيا.

وتظهر 8 % فقط من نسب الوفيات التي تم تسجيلها في الدول ذات الدخل المنخفض سبب الوفاة.

وفي أثناء أي أزمة، قد تفشل حتى الدول المتقدمة في جمع المعلومات التي تحتاج إليها من أجل التعامل مع الامر بصورة فعالة.

وتعد التكنولوجيا جزءا من الحل. فقد سمح القيام بإخطار الوفاة عبر الإنترنت لدول مثل كوستاريكا، بجمع البيانات بينما كان مرض “كوفيد 19-” ينتشر. كما تحتاج الوكالات الحكومية إلى تحسين مشاركة المعلومات. وتجعل الهواتف المحمولة والبرمجيات هذا الأمر ممكنا، إلا أن الإرادة السياسية والحوافزوالاستثمارات المناسبة تعتبر ضرورية أيضا.

وذكر تقرير وكالة “بلومبرج” أن القادة المحليين يحتاجون إلى فهم أهمية السجلات الدقيقة بصورة أكبر؛ ويحتاج الأطباء إلى الحصول على تدريبات فيما يتعلق بإعداد شهادات الوفاة؛ كما يحتاج صانعو السياسات إلى معرفة كيفية استخدام البيانات.

وسوف يستغرق إحراز تقدم كبير في هذا الامر بعض الوقت، إلا أن الاجراءات المؤقتة يمكن أن تساعد في هذه الأثناء. وتسمح المراقبة السريعة باستخدام المستشفيات والمراكز المجتمعية، بالقيام بإحصاء أفضل لحالات الوفاة، ولاسيما إذا كان المسؤولون والعاملون في قطاع الصحة، وليس العائلات، مسؤولين عن الإبلاغ عن الحالات.

ومن الممكن أن تعطي المقابلات التي تمت مع الاسر واستطلاعات الرأي، صورة أكمل. وتستحق مثل هذه المبادرات، الجارية بالفعل في الكثير من الدول الفقيرة، الدعم السياسي والمالي. ومن الممكن أن تكون التكلفة منخفضة، حيث قدرت دراسة أجريت في الهند التكلفة بالنسبة للفرد في العام، بواقع 10 سنتات فقط.

وأوضح التقرير أن الشيء المهم هو فهم مدى قيمة توفير معلومات عالمية أفضل عن الوفيات. ومن الممكن أن يؤدي مزيج من التقدم ذي الصلة على المدى القصير، إلى جانب استراتيجية طويلة الأجل، إلى توسيع وتحسين ودمج عمليات حفظ السجلات الأساسية، وتزويد صانعي السياسات بالمعلومات التي يحتاجون إليها من أجل إنقاذ الأرواح.

قد يعجبك ايضآ